د. نبيل شعث

كان عميقاً في فكره ومشاعره ورؤاه

أسعدني إطلاق موقع إحياء ذكرى المثقف الثوري الفلسطيني حنا ميخائيل أبو عمر الأخ والصديق الحبيب الذي لا أنساه أبداً.
 
أسعدني حبك ووفائك وإحيائك ذكري رفيق حياتك بعد كل هذه السنين والأحداث. وأبكاني أنه لم يعد معنا وعلى أرض الوطن، فهو ليس لك وحدك، وأنت تدركين ذلك، ولكنه لنا جميعاً.

ما زلت أذكر لقاءاتنا الطويلة في بيروت...

بعد هزيمة العرب عام 1967 قرر حنا أن يغادر أميركا: المكتبات وقاعات الجامعات والحياة السهلة المريحة، وأن يصبح أبو عمر الفدائي الذي يعطي كل شيء ولا يأخذ إلا القليل.

قال لي: استمعت إلى الجميع ولكني اخترت فتح، "يتحدثون بالأندري" شأن عامة أبناء البلد، سيفهم الناس رسالتهم بسهولة، بدون عبارات مطاطة وألفاظ إيديولوجية صعبة.

كم كان بسيطاً ومتواضعاً احتفال زواجكما! وكم كان بسيطاً ومتواضعاً منزل الزوجية الذي جمعكما! أذكر أننا احتفلنا بعد أيام من الزواج.

كان المبلغ الذي يأخذه من الحركة صغيراً ومتواضعاً وكان يعيد منه للحركة الجزء الذي لم ينفقه. كل شيء في حياته الجديدة في بيروت كان بـسيطا. كان عميقاً في فكره ومشاعره ورؤاه، واضحاً وبسيطاً في حواره وطروحاته. كان واضحاً وضوح الشمس، وكان موحداً يلتقط الفكرة التي توحد وتدفع الناس للعمل المشترك وتجاوز الخلاف. كان محباً ومتواضعاً. وكان محبوباً من الجميع.

كلما اصطدمت بأولئك الذين يرون في العمل الوطني فرصة لتحقيق الكسب المادي والمعنوي تذكرت أبو عمر، ليته بقي ليكون النموذج الحي للمناضل الذي يعطي بلا حدود. وكلما سمعت خطباء الألفاظ الرنانة الجوفاء والتحليلات المعقدة التي لا يفهمها أحد تذكرت "الأندري" الخاص بأبو عمر، وكلما لامست الخيلاء والتعالي وعقد العظمة والغطرسة التي يتمتع بها بعض من يعتقدون أنهم زعماء وقادة كلما رأيت بعين ذاكرتي أبو عمر القائد البسيط المتواضع الذي افتقدناه.
 
فلتحيي هذه الصفحة الالكترونية الذكرى والنموذج والانسان.

رحم الله حنا ميخائيل أبو عمر.

= = = = =

فلسطين - 10 كانون الثاني 2012

د. نبيل شعث من القيادات الفلسطينية البارزة وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح